هذه اللوحة تُعتبر من الآثار الفنية ذات الأهمية البالغة؛ سواء لتاريخ بلاد فارس أو تاريخ بلاد اللُر (التراث الكُردي «اللُري» الفيلي).
ففي هذه اللوحة يظهر كُلاً من شاه فارس و جدي أتابك لورستان وبروجرد وهُم في مجلس واحد، وهذه اللوحة كذلك تحمل شيئاً من الغرابة؛ والتي حرص الرسام على إظهارها، وهي لحية أتابك لورستان التي تحمل كل خُصلة منها حجر كريم أو جوهرة!
في البداية، من الجدير ذكر شيئاً من تاريخ هذا الحاكم اللُري، لتكتمل وتتضح الصورة أكثر لدى القارئ الكريم.
ملك شاه رستم أو شاه رستم الأول، هو شاه رستم بن شاه حسين بن عز الدين محمد بن شجاع الدين محمود بن عز الدين حسين؛ يُعتبر أتابك لورستان الـ20 من عائلة الأتابكة بني خورشيد، والحاكم الـ6 من السُلالة الحُسينية (أسرة عز الدين حسين أتابك).
تولى شاه رستم الحُكم عام 1468م، وذلك بعد تدبير المغول التيموريين مخطط لاغتيال والده الأتابك (شاه حسين الأول) مع حاشيته بعد أن ضم شاه حسين إقليم شهرزور شمال غرب إيران لسلطته على حساب المغول، لذلك قتله المغول بغتة عندما كان في إحدى جولاته في إقليم شهرزور برفقة 500 شخص تقريباً من حاشيته و وزراءه.
صادف في عهد شاه رستم الأول بأن تقلصت سلطة دولة المغول التيموريين الذين اغتالوا والده؛ وذلك بعد أن قُتِل حاكمها السلطان (أبو سعيد ميرزا)، وكذلك تبدد حكم دولتي الخراف السود والبيض التركية، لذلك توسعت الدولة الصفوية على يد حاكمها الشاه (إسماعيل الأول الصفوي) حتى شملت أقاليم واسعة من خراسان وشمال إيران وكذلك العراق الاعجمي والعربي بما فيه مدينة بغداد ولم يتبَق إقليم خارج سلطته إلا الاحواز العربي (تحت سلطة الأسرة المشعشعية) وبلاد اللور (تحت سلطة الأسرة الأتابكية الخورشيدية).
لذلك قصد الشاه إسماعيل الصفوي الحويزة عاصمة الاحواز وتمكن منها، أما لورستان ففي عام 1508م/914ھ سير الشاه الصفوي لها جيشاً قُدر عدده بـ10,000جندي تحت قيادة القائد (حسن بگ لالا) أحد أمراء أكراد طاليش والقائد (بيرام بيگ قرمانلو)، وبالفعل اندلعت الحرب بين الصفويين والخورشيديين، إلا أن الصفويين تقدموا فيها عسكرياً على قوات الأتابك شاه رستم الأول، لذلك أصدر الأتابك أوامره بالانسحاب من مدينة خرم آباد باتجاه جبال بلاده المنيعة فعسكر بجيشه خلفها، إلا أن موقفه أصبح محرج عسكرياً، حيث أصبح على وشك الهزيمة، لذلك طلب الهدنة من شاه إيران وبالفعل تم عقد إتفاقية وقع الطرفين على شروطها، فعاد الأتابك شاه رستم الأول إلى قلعة (فلك الأفلاك) بالعاصمة خرم آباد حاكماً على بلاد اللور وفق شروط تلك الإتفاقية.
بعد أن حصل الصلح بين الطرفين، أرسل الشاه إسماعيل الصفوي دعوة للأتابك شاه رستم الأول لزيارة العاصمة والقصر الصفوي، وبالفعل وصل الأتابك إلى القصر الصفوي في اليوم الثاني من شهر جمادي الآخرة من نفس العام الهجري 914ھ (الحسابات الحديثة أثبتت أن الزيارة تمت خريف عام 1508م وتحديداً يوم 28 من الشهر الـ9)، فأستقبله الشاه إسماعيل الصفوي استقبالاً حافلاً ومهيباً وقابله بحفاوة بالغة ولاطفه كثيراً بلغته اللورية الفيلية (الكوردية الفيلية)، وأمر أن يتم تزيين لحيته الكثيفة والطويلة بالجواهر والأحجار الكريمة، فنظم كل شعرة أو خصلة من لحيته بجوهرة أو حجر كريم !
وأبقاه في ضيافته مُعززاً أياماً عديدة، وقبل عودة الأتابك إلى بلاده أنعم شاه إيران عليه بأن منحه أراضي وأقاليم وولايات واسعة من جنوب إيران بما فيها مدينة (دزفول) الشهيرة ومدينة (تُستَر) جنوب إيران.
كانت هذه الزيارة مهمة جداً، سواء للدولة الصفوية أو لبلاد اللور، إلى درجة أدت إلى توثيق مؤرخين وفنانين ذلك الزمان لها، وذلك سواء كان أسلوب التوثيق كتابةً أو رسماً، فتَركت لنا هذه الزيارة التاريخية العمل الفني الوحيد بالتاريخ الذي يظهر فيه حاكم لُري؛ حيث لم يُعثر حتى اليوم على أي لوحة تُمثل أي أتابك من الأتابكة اللور الذين حكموا خرم آباد طيلة 4 قرون.
-توضيح: الشاه إسماعيل في اللوحة هو الشخص الجالس في الصدارة (يمين اللوحة) ومرتدياً عمامة حمراء متوجة بريشة ذات لون أسود ومُمسكاً بسيفه، أما شاه رستم الأول، فهو الرجُل المُسن الجالس مركز يسار اللوحة، وتظهر لحيته بيضاء اللون وهي تحمل الجواهر الثمينة التي أهداها شاه إيران شخصياً للأتابك ومرتدياً كذلك عمامة ذات لون مائل للون (التركوازي) أو اللون (الفيروزي) مطعمة بتدرجات لونية منتظمة ومتوجة أيضاً بريشة سوداء خفيفة، أما الشخص الواقف خلف الأتابك فعلى الأغلب أنه أرشد أولاده وخليفته، الأمير اوغور (اوغوز) شاه.
المصادر :
•كتاب الفيليون، الكاتب نجم سلمان مهدي الفيلي، ص56.
•كتاب نظرة على ايلام، الباحث ايرج افشار السيستاني.
•ساكي علي محمد، كتاب جغرافية وتأريخ لورستان.
•ميراخوند (تأريخ روضة الصفا).
•تحفة ناصرية، ميرزا شكر الله.
•كتاب تاريخ الكورد الفيليون وآفاق المستقبل الشيخ زكي جعفر / الفصل السابع / ص232.
•كتاب شرفنامه الشهير، للأمير شرف الدين البدليسي، ص161 (مصدر تاريخي مهم جداً).
حسن فائز فوزي العلوي الفيلي
(Hassan Al-alawi)
ففي هذه اللوحة يظهر كُلاً من شاه فارس و جدي أتابك لورستان وبروجرد وهُم في مجلس واحد، وهذه اللوحة كذلك تحمل شيئاً من الغرابة؛ والتي حرص الرسام على إظهارها، وهي لحية أتابك لورستان التي تحمل كل خُصلة منها حجر كريم أو جوهرة!
في البداية، من الجدير ذكر شيئاً من تاريخ هذا الحاكم اللُري، لتكتمل وتتضح الصورة أكثر لدى القارئ الكريم.
ملك شاه رستم أو شاه رستم الأول، هو شاه رستم بن شاه حسين بن عز الدين محمد بن شجاع الدين محمود بن عز الدين حسين؛ يُعتبر أتابك لورستان الـ20 من عائلة الأتابكة بني خورشيد، والحاكم الـ6 من السُلالة الحُسينية (أسرة عز الدين حسين أتابك).
تولى شاه رستم الحُكم عام 1468م، وذلك بعد تدبير المغول التيموريين مخطط لاغتيال والده الأتابك (شاه حسين الأول) مع حاشيته بعد أن ضم شاه حسين إقليم شهرزور شمال غرب إيران لسلطته على حساب المغول، لذلك قتله المغول بغتة عندما كان في إحدى جولاته في إقليم شهرزور برفقة 500 شخص تقريباً من حاشيته و وزراءه.
صادف في عهد شاه رستم الأول بأن تقلصت سلطة دولة المغول التيموريين الذين اغتالوا والده؛ وذلك بعد أن قُتِل حاكمها السلطان (أبو سعيد ميرزا)، وكذلك تبدد حكم دولتي الخراف السود والبيض التركية، لذلك توسعت الدولة الصفوية على يد حاكمها الشاه (إسماعيل الأول الصفوي) حتى شملت أقاليم واسعة من خراسان وشمال إيران وكذلك العراق الاعجمي والعربي بما فيه مدينة بغداد ولم يتبَق إقليم خارج سلطته إلا الاحواز العربي (تحت سلطة الأسرة المشعشعية) وبلاد اللور (تحت سلطة الأسرة الأتابكية الخورشيدية).
لذلك قصد الشاه إسماعيل الصفوي الحويزة عاصمة الاحواز وتمكن منها، أما لورستان ففي عام 1508م/914ھ سير الشاه الصفوي لها جيشاً قُدر عدده بـ10,000جندي تحت قيادة القائد (حسن بگ لالا) أحد أمراء أكراد طاليش والقائد (بيرام بيگ قرمانلو)، وبالفعل اندلعت الحرب بين الصفويين والخورشيديين، إلا أن الصفويين تقدموا فيها عسكرياً على قوات الأتابك شاه رستم الأول، لذلك أصدر الأتابك أوامره بالانسحاب من مدينة خرم آباد باتجاه جبال بلاده المنيعة فعسكر بجيشه خلفها، إلا أن موقفه أصبح محرج عسكرياً، حيث أصبح على وشك الهزيمة، لذلك طلب الهدنة من شاه إيران وبالفعل تم عقد إتفاقية وقع الطرفين على شروطها، فعاد الأتابك شاه رستم الأول إلى قلعة (فلك الأفلاك) بالعاصمة خرم آباد حاكماً على بلاد اللور وفق شروط تلك الإتفاقية.
بعد أن حصل الصلح بين الطرفين، أرسل الشاه إسماعيل الصفوي دعوة للأتابك شاه رستم الأول لزيارة العاصمة والقصر الصفوي، وبالفعل وصل الأتابك إلى القصر الصفوي في اليوم الثاني من شهر جمادي الآخرة من نفس العام الهجري 914ھ (الحسابات الحديثة أثبتت أن الزيارة تمت خريف عام 1508م وتحديداً يوم 28 من الشهر الـ9)، فأستقبله الشاه إسماعيل الصفوي استقبالاً حافلاً ومهيباً وقابله بحفاوة بالغة ولاطفه كثيراً بلغته اللورية الفيلية (الكوردية الفيلية)، وأمر أن يتم تزيين لحيته الكثيفة والطويلة بالجواهر والأحجار الكريمة، فنظم كل شعرة أو خصلة من لحيته بجوهرة أو حجر كريم !
وأبقاه في ضيافته مُعززاً أياماً عديدة، وقبل عودة الأتابك إلى بلاده أنعم شاه إيران عليه بأن منحه أراضي وأقاليم وولايات واسعة من جنوب إيران بما فيها مدينة (دزفول) الشهيرة ومدينة (تُستَر) جنوب إيران.
كانت هذه الزيارة مهمة جداً، سواء للدولة الصفوية أو لبلاد اللور، إلى درجة أدت إلى توثيق مؤرخين وفنانين ذلك الزمان لها، وذلك سواء كان أسلوب التوثيق كتابةً أو رسماً، فتَركت لنا هذه الزيارة التاريخية العمل الفني الوحيد بالتاريخ الذي يظهر فيه حاكم لُري؛ حيث لم يُعثر حتى اليوم على أي لوحة تُمثل أي أتابك من الأتابكة اللور الذين حكموا خرم آباد طيلة 4 قرون.
-توضيح: الشاه إسماعيل في اللوحة هو الشخص الجالس في الصدارة (يمين اللوحة) ومرتدياً عمامة حمراء متوجة بريشة ذات لون أسود ومُمسكاً بسيفه، أما شاه رستم الأول، فهو الرجُل المُسن الجالس مركز يسار اللوحة، وتظهر لحيته بيضاء اللون وهي تحمل الجواهر الثمينة التي أهداها شاه إيران شخصياً للأتابك ومرتدياً كذلك عمامة ذات لون مائل للون (التركوازي) أو اللون (الفيروزي) مطعمة بتدرجات لونية منتظمة ومتوجة أيضاً بريشة سوداء خفيفة، أما الشخص الواقف خلف الأتابك فعلى الأغلب أنه أرشد أولاده وخليفته، الأمير اوغور (اوغوز) شاه.
المصادر :
•كتاب الفيليون، الكاتب نجم سلمان مهدي الفيلي، ص56.
•كتاب نظرة على ايلام، الباحث ايرج افشار السيستاني.
•ساكي علي محمد، كتاب جغرافية وتأريخ لورستان.
•ميراخوند (تأريخ روضة الصفا).
•تحفة ناصرية، ميرزا شكر الله.
•كتاب تاريخ الكورد الفيليون وآفاق المستقبل الشيخ زكي جعفر / الفصل السابع / ص232.
•كتاب شرفنامه الشهير، للأمير شرف الدين البدليسي، ص161 (مصدر تاريخي مهم جداً).
حسن فائز فوزي العلوي الفيلي
(Hassan Al-alawi)